إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، يوليو 27، 2013

الكومـــبـــــــــارس الـــــثـــــــوري

احمد صبحي 

"فلاش باك"
قبل ٢٥ يناير .. اطار المشهد السياسي في مصر كان يضم نظام مبارك برجاله المسيطرين في كل جهاز من اجهزة الدولة (عسكر وشرطة وقضاء واعلام ورجال اعمال )
يقابله المنافس السياسي الاقوى جماعة الاخوان بقدراتها التنظيمية والتمويلية وخبرات انتخابية
معارضة غير فاعلة (ليس لها قواعد شعبية) والاثنان مرتبطان بالنظام بشكل او اخر ..
وخارج الاطار السياسي التقليدي حركات شبابية واعدة (قواعدها الشعبية اونلاين) مثل كلنا خالد سعيد و ٦ابريل
"تونس"
بعد تونس .. التقط الشباب المصري طرف الخيط الذي مر امام اعين كيانات المعارضة فرمقته بحذر
وبدأت مجموعات من الشباب في ٢٥ يناير الخروج من الاونلاين الى الاون جراوند . مطالبين بتغيير مسار بلدهم التي بات نظامها عاجزا عن حل ابسط مشاكلها مثل (القمامة) وحدهم رفعوا شعار العيش الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية ..
"شباب الفيسبوك فعلوها "
نجاح الشباب في التجمع باعداد في عدة مناطق كان كالماء البارد على وجه نائم فبدأ الجميع يستيقظ من سباته ولسان حالهم يقول Yes we can
وكانت الدعوات ل ٢٨ يناير والتحق الاخوان بالركب واضافوا زخما عدديا وتنظيميا كبيرا و يصبح ميدان التحرير هو مينا العصر الحالي .. اذ انه على مدار ١٨ يوما وحد المصريين باختلاف الوانهم وجمعهم على خضرة حديقته
الجميع اتحد ضد خصم واحد "نظام مبارك". (عسكر وشرطة وقضاء واعلام ورجال اعمال )
ارتقى الشهداء وسقط مبارك بعد تخليه عن الحكم للمجلس العسكري الذي كان قائده الاعلى الذي ازاح من على عاتقه هم التوريث ..
" الصندوق"
وانفض الميدان واختلفت الرؤى بعد ذلك .. فئة كبيرة من الشباب استمرت في مسارها الثوري وظلت معتبرة ان نظام مبارك لم يسقط بما في ذلك المجلس العسكري
الاخوان تخلوا عن المسار الثوري وبدأوا في المسار السياسي مباشرة مع احزاب المعارضة الكارتونية
الاخوان على ما يبدو شعروا بقوتهم التنظيمية وكانوا على ثقة باكتساح اي انتخابات وبدا boxphilia او ولعهم بالصندوق . (ان صح التعبير )
"تفرق الشمل "
تخلت جماعة الاخوان عن شباب الثورة وتركتهم يواجهون عنف نظام مبارك (الداخلية و العسكر) من دون حتى ادانة بل وشوهت نشطاء الثورة وعدد من السياسيين المعارضين وكأنها اعتبرت ان من احتشدوا في الميادين "كومبارس" ادى دوره الثوري وعلى الجماعة ان تتصدر لتلعب دور البطولة ..
"الاخوان عقلاء "
الجماعة ارتمت في احضان العسكر من خلال اتفاقات بعضها سري تكشف فيما بعد (مثل الخروج الامن) وبصراحة ظهر الاخوان في نظر كثيرين بمظهر العقلاء سياسيا الجديرين بقيادة المرحلة خاصة وان الشارع المصري واغلبه من حزب الكنبة غير معتاد على الحالة الثورية ويتوق الى الاستقرار
"الطماع فريسة النصاب "
يبدو ان هدف الاخوان تحدد بالوصول للسلطة في اسرع وقت وهذا ليس عيبا ولكن هذا جاء على هوى النظام السابق المرتبط بالعسكر وادرك طمع قادة الاخوان وسعيهم لادراك الفرصة فاعطي الاخوان الحبل ليلفوه بانفسهم على رقابهم ..فاقصى اماني نظام مبارك ان يعود للسلطة ...وبلا اخوان
ولكن هناك نظام لم يسقط بعد . سقط الرأس وبقي الجسم. والخطأ في هذه المرحلة كارثي .. اذن من الاصلح الا يتصدر اكبر فصيل سياسي المشهد بل يبقى داعما للقوى الثورية الاخرى
لان تصدر الاخوان لواجهة الحكم قد يستعدي جهات داخلية وخارجية ما يهدد ثورة ٢٥ ، هذا كلام المرشد العام للجماعة واعدا الا ترشح الجماعة اخوانيا للرئاسة
.. ولكن الاخوان غيروا رأيهم اما للطمع والعجلة في نيل المراد"السلطة" او قد يكونوا "دُفعوا "الى تغيير موقفهم
وكاد يسقط مرسي ولكنه نال المنصب "الرئيس" بفضل اتحاد الشباب الثوري والسياسيين وفئة كبيرة من الشعب من مختلف الاطياف ليس اقتناعا بمرسي ابدا ولكن لانهم حددوا خصمهم من البداية وهو نظام مبارك وممثله. شفيق
" كومبارس .. اكشن تاني مرة "
ووصل مرسي الى الحكم ليلعب دور البطولة من جديد واهمل القوى الثورية التي دعمته وتجاهل الشباب وهذا باعترافه
وكأنه اعتبرهم "كومبارس" مرة اخرى
"بداية السقوط"
مرسي على الكرسي ولكنه لم يضع يده على اجهزة الدولة ..
النظام السابق اعتبر انه خسر جولة ٢٥ يناير ولكن معركته في الصراع على السلطة مع الاخوان مستمره ..
المفترض ان مرسي كان يعلم ذلك كما كان يعلم المرشد العام اقر ان وصول الاخوان للرئاسة قد يعرض الثورة للخطر الداخلي والخارجية ..
الاخوان ابداعوا في كسب الاعداء من القوى السياسية والتي بدورها رحبت باخطاء الاخوان
كما خسر الاخوان كثيرا من عامة الناس الذين روعوا بخطاب بعض قادة اليمين الاسلامي المتشدد بلهجة تهديدية ترويعية اقصائية احيانا ..
ما سماه الاخوان باعلام الفلول الاعلام اشتغل باخلاص في تشويه وشيطنة الاخوان من خلال التركيز على الاخطاء وهي كثيرة فضلا عن ترويج بعض الشائعات غير الصحيحة ولكنها كانت فاعلة في استثارة غضب الناس .
"""في رباط الى يوم الدين !!!"""
مظاهر الانقسام بدت في المجتمع المصري لاول مرة والذي كان معروفا انه في رباط الى يوم الدين ..الاهل والاصدقاء يصنفون بعضهم البعض الدين اصبح حاضرا في كل الاحاديث السياسية ولكنه ليس حاضرا في السلوكيات ولا لغة الحوار .. استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد السلم الاهلي ..
نظام مبارك لم يُمكن مرسي من السيطرة على اجهزة الدولة .. فهل لو سيطر مرسي على الجيش او الشرطة او القضاء او الوزارات لكان عُزل ؟
عاند الاخوان المنطق والتاريخ والرؤية السياسية الصحيحة بالترشح للرئاسة واستمر مرسي عنيدا في التمسك بحكومة قنديل وعدم التنازل للمعارضة التي اتسعت جدا جدا... اعتقد مرسي ان شرعية الصندوق ستؤمنه مكر خصومه وآمن لوزير دفاعه واعتمد على امريكا
"تمرد . انقلاب شعبي "
تمرد تظهر بتمويل ودعم كبيرين داخليا وخارجيا بهدف حشد الناس واستحضار شكل ٢٥ يناير
ومرسي يعاند ويبدأ الشك في وزير الدفاع قائد عام القوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي ويحاول خلعه بالتنسيق مع قادة من الحرس الجمهورى.ولكنهم اخبروا السيسي بذلك ..وبدوره تواصل العسكر مع تمرد من خلال "طرف ثالث "
"مبارك يبتسم "
ابتسامة مبارك في جلسة محاكمته في اوائل يونيو اوحت ان نظامه لملم نفسه واستعاد قوته اكثر من الاول
فالنظام لم يترك السلطة الفعلية على الوزارات ومرافق الحياة
وكسب وقتا جيدا في معارك قضائية من دون ادانة اي رمز من رموزه في مهرجان البراءة للجميع .. بل ونجح في تهيئة الاجواء لان يعود للواجهة بنفس الطريقة التي خرج بها ..
"تصوير واخراج بانوراما"
نظام مبارك وجد في تمرد النهاية السعيدة او ربما اوجدها .. وتم الحشد في ٣٠ يونيو و نزل الملايين في مشهد استمر لساعات استخدمت فيه احدث وسائل التقنية من طائرات ترسم قلوب في سماء التحرير .. تصوير واخراج بانوراما من مروحية جابت سماء القاهرة
ولعبت الحشود الدور المطلوب .. وعزل الجيش مرسي معلنا نهاية حكم الاخوان بعد عام من الفشل والهزل ..
ممهدا الطريق لمرحلة جديدة
"استحضار الكومبارس - رابعة العدوية "
الاخوان يحتشدون عند رابعة متمسكون بالشرعية و قادتهم يطالبون بالعودة لشعارات ٢٥ يناير لاستقطاب الناس من جديد " استحضار "الكومبارس " مجددا . لعلها الطريقة المثلى للعودة الى السلطة .. ولكن هناك من يرى ان الاوان قد فات وان المجتمع لفظهم ولم يعد يسمع لهم ..
"شيطنة "
الاعلام يشيطن الاخوان ويحملهم وزر كل شيء حصل في البلد منذ ٢٥ يناير .. يصورهم بالمليشيات المسلحة وان كان ذلك صحيحا فهل هم وحدهم مسلحون
يحملهم مسؤولية ما يحدث في سيناء مع ان ملف سيناء في يد وزير الدفاع الحالي وقبله المجلس العسكري قبل مرسي .. والمتطرفون في سينا من ايام مبارك ..
"اسئلة "
الستار لم ينسدل بعد ولكن الاسئلة عديدة ..

ما مصير مرسي اول رئيس مصري منتخب ؟ وما مصير المسار الديمقراطي الذي بات مشوهاً ؟
كيف سيتم التعامل مع التيار الاسلامي وخاصة الاخوان في ظل تهافت التهم ضدهم لدرجة انست الناس جرائم نظام مبارك ومحاكمات رموزه ؟
وهل حسب من اصبحوا في السلطة حساب ردود فعل الاخوان ومناصريهم المستمرين في اعتصامات ومسيرات على مدار شهر ؟
وهل ستداوي الايام الجرح الذي قسم المجتمع المصري ؟ ام ان الخلاف سيتحول الى العنف ؟
"نظام مبارك في حلة جديدة"
لا شك ان نظام مبارك عاد بعد هذه الجولة .. و بالاحرى عاد للواجهة اذ انه ظل مسيطرا على اجهزة الدول ولم يتخلى عنها ..
ولكن السؤال .. كيف سيعود وهل سيتبنى اصلاحات تقود البلاد للافضل ؟ ام سيختار مسار العودة بقبضة حديدية اكثر صرامة ؟
--لن اكون كومبارس ---
لا اتمنى ان اكون كومبارس مرة ثانية في صراع على السلطة بين .. نظام مبارك و الاخوان ...
الاخوان ساروا بالبلد الى الهاوية ولم يدركوا قدر خصومهم. وللاسف يتحملون الجزء الاكبر من المسؤولية عن اخفاق ثورة ٢٥ يناير فتصوروا انهم اذكى من الجميع (العسكر والشباب الثائر والشعب ) واكبر خطأ ارتكبوه هو تخليهم عن رفاقهم في الميدان ..
ولكن ايضا الانقلاب الحاصل على الاخوان يقود البلد الى مجهول لا نعلمه حتى الان نتمنى ان يكون خيرا
فالمشكلة ان خصوم مرسي يكرهونه وجماعته اكثر مما يحبون مصر
ومؤيدو مرسي يناصرونه ولو على حساب البلد
"الشباب الثائر"
الامل اولا في الله ان يحمي مصر و يخرجها من هذه المحنة
ثانيا الامل في الشباب الذين اوجدوا هذا الحراك الممتد من ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى ٣٠ يونيو ٢٠١٣
(لو نجت مصر من سيناريو النزاع الاهلي) فالشباب امامهم فرصة على الاستمرار في جهادهم ودعم وجوه جديدة و ايجاد كيانات جديدة تسطيع ان تحقق ولو حد ادنى من تغيير مصر للأفضل

الأربعاء، أبريل 17، 2013

جبهة النصرة والثورة السورية

لا يخلو حديث عن الثورة السورية من ذكر جبهة النصرة فالغرب يشدد على ضرورة الحرص في عدم وصول اي نوع من الدعم لمن اعتبرهم متطرفين وهم جبهة النصرة واعلنت واشنطن واسرائيل مرارا من خشية وصول الاسلحة الكيماوية للمتطرفين ما يمثل خطرا على امن اسرائيل مواقف تتناغم مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي شدد في حواره مع صنداي تايمز انه يقاتل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي ادرجتها واشنطن في لائحتها للمنظمات الارهابية .. ويبدو ان هنا تتقاطع المصالح بين الاسد حليف ايران و امريكا وفقا لوجهة نظر تفشت في العالم العربي حاليا …


فما هي جبهة النصرة ؟ وكيف تطور دور الجبهة داخل سوريا ؟ وهل كان يمكن احتوائها والحد من وجودها هناك ؟

احاول انا كاتب هذه السطور الاجابة على هذه الاسئلة من خلال معلوماتي ومشاهداتي في اثناء مهمتي لتغطية الاحداث في سوريا في ديسمبر الماضي .












جبهة النصرة لاهل الشام


ظهور “جبهة النصرة لاهل الشام ” كان في الرابع والعشرين من يناير ٢٠١٢ من خلال بيان دعت فيه السوريين لحمل السلاح ضد نظام الاسد . اكتسبت الجبهة ومقاتلوها سمعة طيبة بين الاهالي خاصة في المناطق التي فر منها النظام . ومعظمها مناطق ريفية سكانها يميلون الى التدين والبساطة في العيش و لديهم نوع من الحقد الريفي المعتاد على المدن بسبب اهمال الانظمة للريف وتجاهل تقديم الخدمات له رغم انتاجية الريف مقارنة بالحضر ..

في البداية تسلل عشرات ومنهم اجانب الى سوريا “معلومات تشير الى ان اغلبيتهم كانوا مما ينتمون لدولة العراق الاسلامية” تحت شعار نصرة المسلمين هناك خاصة في ظل عدم حصول الجيش الحر على دعم يجعله قادرا على القيام بالدور الذي اعلنه وهو حماية الاهالي ما ساعد على انضمام اعداد كبيرة من الشباب السوري للجبهة خاصة فكرة القتال باتت تسيطر على كثير من الشباب السوري انتقاما” لبيت فقده في القصف او اهل قتلتهم نيران النظام” او دفاعا عن شرف نسائه المهددين بالاغتصاب من شبيحة النظام او عمن بقي حيا من ذويه .. ولذلك فانه من الصعب تحديد اعداد مقاتلي الجبهة نظرا لزيادتها كل يوم ولكن بعض التقديرات تقول ان الجبهة استقطبت نحو ربع المقاتلين ضد النظام ..


جبهة النصر في عيون السوريين


في ١٤ ديسمبر الماضي كنت في سرمين بمحافظة ادلب لتغطية تظاهرات جمعة ” لا ارهاب في سوريا لا ارهاب الاسد ” والتي حاءت ردا على ادراج جبهة النصرة في لائحة الارهاب الامريكية ..

وسألت خلال هذه الجمعة وبعدها اغلب من التقيتهم في ادلب وحلب عن جبهة النصرة واستطيع ان اقول ان فكرة كثير من السوريين عن جبهة النصرة “في المناطق الخارجة عن سيطرة حكم الاسد” انهم جنود اشداء مسلحون جيدا مدربون جيدا منظمون جدا وسريون للغاية .

هم الذين ينجزون المهمات الصعبة من خلال العمليات “الاستشهادية ” هم يقتحمون الحواجز و القواعد العسكرية للنظام “ويحرروها” ثم يتركوها من دون ان يتنازعوا على الغنائم لانهم يجاهدون بالمال والانفس .

ومن بين ما يرويه الاهالي عنهم . ان كتائب الجيش الحر باسلحته الخفيفة جدا يحاصر موقعا ما او حاجز ما لعدة ايام ولكنه قد لا يتمكن من الاقتحام بسبب ضعفه من ناحية التسليح والتدريب .

حتى يأتي فقط من ٤ من مقاتلي جبهة النصرة ويهجمون على الحاجز بعد عملية تفجيرية

” انتحارية” ويحررونه . ومن وجهة نظر الاهالي هناك خاصة في المناطق الشمالية فإن لمقاتلي الجبهة الفضل في “تحرير ” عدد من الالوية والقواعد النظامية التي كانت مصدرا لقصف المدنيين

اما على الصعيد المدني فقد سيطرت جبهة النصرة في بعض المناطق على بعض منافذ توزيع الطحين على المواطنين ويعتبر الاهالي ان معاملتهم كانت عادلة وحسنة .

ولذلك فإن الجبهة نجحت في استقطاب كثير من الشباب السوري الذي اختار او اجبر على طريق القتال ضد حكم الاسد وهذا يرجح ان غالبية مقاتلي الجبهة من السوريين


المجتمع الدولي والجيش الحر وجبهة النصرة


خلال وجودي في حلب في ديسمبر كانون الاول الماضي وامام احد المقرات الرئيسية “المعروفة ” لجبهة النصرة والقريبة الى مقرات اخرى لالوية وكتائب عديدة للجيش الحر، شاهدت حشد من الناس يهتفون “للجيش الاسلامي ” ويطالبون رجال جبهة النصرة بالتدخل لحمايتهم من افراد مسلحين ينسبون انفسهم للجيش الحر ولكنهم لا يقاتلون ولا عمرهم تقدموا لجبهة القتال فقط يستولون على ما يتسرب لحيِّهم من مساعدات بذريعة توزيعها على الناس وهو ما لا يحدث !..


فالجيش الحر وهو سورياً خالصا حتى الان لم يلق دعما عسكريا ولا سلاحا ولا تدريبا يمكنه من اداء اهدافه الذي اعلنه وهو حماية الاهالي من بطش النظام واسقاط نظام الاسد .. ورغم اعلان هيئة الاركان الموحدة بقيادة سليم ادريس فإن نقص الذخيرة والدعم المادي حال دون تنسيق عمل كل وحدات والوية الجيش الحر التي تزيد عن “خمسمئة !” وظهر بعض ضعاف النفوس في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام خاصة الشمالية منها وحملوا السلاح ونسبوا انفسهم للجيش الحر وللاسف مارسوا البلطجة او “التشبيح” على الاهالي وفرضوا الاتاوات وكانوا ينهبون المساعدات احيانا. ويسهل ذلك في ظل غياب كلا من التنظيم العسكري والادارة المدنية في هذه المناطق واستمرار الفوضى بسبب القصف المتواصل من النظام . وطبعا يتحمل الجيش الحر النقد بسبب هؤلاء ،بينما يقاتل جنوده باسلحة خفيفة وذخيرة محدودة جنود النظام المدعومين من ايران وروسيا

في حين لا يتحدث المجتمع الدولي الا عن جبهة النصرة دون ان يقدم على اي خطوة حقيقية اما لوقف قتل السوريين او لدعم جيش وطني “شرعي” يواجه نظام قمعي ..


عقيدة جبهة النصرة

في ريف ادلب صادفت في الشارع مقالين من جبهة النصرة العائدين من جبهة القتال اذ يمكن بسهولة تمييز المقاتلين غير السوريين بسهولة ولكنهم يرفضون الحديث مع الصحفيين وان كان الصحفي فضوليا “متطفلا” فيمكنهم منحه بعض الكلمات المقتضبة بالعربية الفصحى مثل “نتحدث بعد النصر إن شاء الله” مع الرفض التام للتصوير واعتقد انهم لا يزجرون الصحفيين وعيا منهم بدور الاعلام في تسليط الضوء على المآسي الانسانية في هذه المناطق . واعتقادا ايضا ان الصحفيين الموجودين في هذه المناطق “يؤيدون عملهم بشكل او اخر ”

لا احد يستطيع ان يحدد اعداد الاجانب في الجبهة ولكن الاكيد ان فيهم شيشان وافغان واوروبيين وعرب من مختلف الجنسيات والاكيد ايضا ان السوريين موجودون بينهم بوضوح خاصة القيادات ..

يؤكد مقاتلو الجبهة انهم يختلفون عن الجيش السوري الحر الذي يقاتل من اجل اسقاط النظام بينما هم في سوريا للقتال من اجل اعلاء كلمة لا اله الا الله .. يذهبون الى حيث يوجد الجهاد اي انها جماعة تتبنى الجهاد وتسعى اليه في اطار تغيير المنكر باليد …قتالهم لنظام الاسد ليس لكونه نظام طاغية يقتل شعبه فقط ولكن لانه نظام كافر يمثل طائفته ..

لا يقولون “صراحة” انهم ينتمون للقاعدة فهم لا يؤكدون او ينفون ذلك ولكن بسهولة يمكن استنباط تشابه الى حد التماثل بين منهجهم ومنهج القاعدة، رغم ان بعض المحللين يرون انهم نموذج متجدد من القاعدة تعلم من تجربة دولة العراق الاسلامية التي فقدوا فيها الحاضنة الشعبية بعد الافراط في التكفير والقتل والتفجيرات التي طالت المدنيين . ولكن هذا الرأي يحتاج الى تأكيدات لم تظهر “لي على الاقل ”


ولكن هل كان يمكن احتواء جبهة النصرة ؟

للاجابة على هذا السؤال يمكن العودة الى ما حدث في الثورة الليبية فاعتراف العالم بالمجلس الانتقالي ادى الى تشكيل قيادة عسكرية موحدة ورغم ان جماعات اسلامية وصفت بالمتشددة كانت تقاتل ضد القذافي الا ان فرض الحظر الجوي ساعد على الحد من قتل المدنيين واقامة حياة طبيعية لحد كبير في المناطق التي خرجت عن سيطرة القذافي ما حد من النزعة للتطرف كما ان الاعتراف بالمجلس الانتقالي ساعد في احتواء كل المقاتلين على اختلاف انتماءاتهم الى حد كبير ..

بينما في سوريا مازال المجتمع الدولي يتحدث عن وحدة المعارضة وقيادة موحدة في طرح اخر متناغم مع ما يروجه نظام الاسد . فمن السهل جدا احتواء هذه الاعداد التي مهما كبرت تبقى اقل من اعداد مقاتلي الجيش الحر لو كانت هناك ارادة لذلك .


شعور المواطن السوري بالظلم والقهر بسبب استمرار تعرضه للقصف الجوي والمدفعي وفقدانه لمقومات الحياة الاساسية في مدنه وحتى في المخيمات التي لجأ اليها

بالاضافة الى غياب دعم مؤثر لقضيته في ظل وقوف ايران وحزب الله ومن خلفهما روسيا بوضوع خلف الاسد بالمال والسلاح والدعم السياسي ما ولد عند السوري في هذه المناطق واغلبها من السنة شعورا بالاستهداف الطائفي .. فكلما زاد القهر زادت النزعة الى التطرف .

كل ذلك افسح مجالا واسعا لتكوين حاضنة لجبهة النصرة..

يقول بروس ريدل ضابط الاستخبارات الامريكي السابق ومستشار شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس الامن القومي إن الأسد قد استخدم كلمة تنظيم القاعدة للتغطية على محاولاته للحفاظ على سلطته، قبل أن يقوم بجلبه بالفعل إلى سوريا. ويحذر بروس من عواقب استمرار الحرب فى سوريا، حيث يرى أنه كلما استمرت الحرب أكثر أصبحت القاعدة أقوى فى هذا البلد.


والسؤال هو الم يكن الرئيس الامريكي باراك اوباما على علم بكل هذه التفاصيل من اجهزة استخباراته ؟ خاصة ان اغلب وزارئه ومستشاريه يُجمِعون على ضرورة دعم المعارضة ضد نظام الاسد خوفا من زيادة نفوذ “المتطرفين الاسلامين” وتحديدا جبهة النصرة التي ضمتها الولايات المتحدة الى قائمتها للمنظمات الارهابية

لماذا تركت جبهة النصرة تكبُر امام مرآى ومسمع العالم في حين ان البديل كان واضحا .. وهو اما اجبار الاسد على وقف القتل او دعم الجيش الحر …

ام ان جبهة النصرة ستكون الذريعة لتحرك ما في سوريا المستقبل؟





twitter: @ahmedsobhy1

http://www.alteif.com/%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9/