إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، ديسمبر 30، 2015

أحمد صبحي أبوالنجا يكتب: حقيقة فيسبوك ومؤسسها اليهودي مارك زوكربرغ

(1)
مع الانتشار الواسع لموقع فيسبوك وزيادة عدد مستخدمي الموقع الأول عالميا بين مواقع التواصل الاجتماعي ليتخطى مليار ونصف المليار مستخدم في أنحاء العالم، تكثر الأسئلة بشأن الموقع، وبشأن كل خبر يتعلق به أو بمؤسسه مارك زوكربرغ.

وقد عزز ما يشهده العالم العربي حاليا وعلى مدار السنوات الخمس الماضية من استحواذ نظرية المؤامرة على عقول ثلة من الناس، فبعضهم يتهم فيسبوك بدعم أو تحفيز ثورات أدت إلى الفوضى، وبعضهم يتهم فيسبوك بأنه أداة صهيونية لنشر الفساد وضرب منظومة القيم والأخلاق خاصة أن فيسبوك يتبنى شعار جعل العالم أكثر انفتاحا وتواصلا “Make the World More Open and Connected ”. و الملفت أن كل أصحاب هذه النظريات التي تُشيطن فيسبوك و تحمله مسؤولية كل مصائبنا وويلاتنا هم أنفسهم من مستخدمي فيسبوك و لهم  صفحات يروجون آرائهم هذه من خلالها. ويستدلون على ذلك بأن مؤسس فيسبوك  يهودي ويتبنى شعارات ماسونية على ما يبدو، غير أنه اختار اللون الأزرق للموقع تشبها بالعلم الإسرائيلي.

في هذه السطور لا نهدف إطلاقا إلى نفي نظرية المؤامرة أو الدفاع عن فيسبوك؛ ولكن نهدف إلى عرض حقائق وأرقام تتعلق بعملاق الإنترنت قد تساعد على مشاهدة الصورة من كل جوانبها؛ و من ثم بناء وجهة نظر موضوعية. وفي سبيل الوصول لرأي موضوعي نبدأ باستعراض بعض الحقائق والأرقام.

(2)

أهداف ونشاطات فيسبوك بلغة الأرقام

يعد حشد أكبر عدد من المستخدمين من أهم أولويات فيسبوك من أجل تحقيق إيرادات كبيرة من خلال الإعلانات وخدمات التسويق الإلكتروني.

فالموقع الذي أسسه مارك زوكربرغ عام 2004 مشروعا للتواصل، وتبادل الصور بين طلاب جامعة هارفارد، انتشر بشكل واسع، وتخطى حدود الجامعة، ولقي إقبالا واسعا، وذاع صيته، حتى تلقى عشرات العروض بالشراء من شركات عالمية كبرى مثل مايكروسوفت وياهو وغيرها بملايين الدولارات؛ ولكنها قوبلت بالرفض.

في 18 مارس/آذار 2012 طُرح سهم فيسبوك في البورصة الأمريكية بسعر 38.23 دولارا . وفي 13 أغسطس/آب 2012 وصل السهم إلى أقل  سعر في تاريخه بسعر 18.06 دولارا، ثم بدأ السهم رحلة صعود ويتراوح سعر السهم حاليا في حدود 105 دولارات ما يعني أن حاملي السهم منذ تاريخ طرحه في البورصة ارتفعت قيمة أموالهم بنحو 300%. ومن المعلوم أن عرب ومسلمين كثر يستثمرون في البورصة الأمريكية بمليارات الدولارات.


 
ووفقا لآخر الإحصائيات التي صدرت في 2015 فإن عدد مستخدمي فيسبوك حول العالم وصل إلى مليار ونصف المليار مستخدم واحتفل فيسبوك مؤخرا بارتفاع عدد الزيارات اليومية للموقع إلى مليار زيارة.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، أعلن فيسبوك في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أن عدد المستخدمين النشطين شهريا في الشرق الأوسط بلغ 114 مليونا ما يعني أن مستخدمي العالم العربي يمثلون أقل من 10% من رواد الموقع .

 فيسبوك أعلنت أرباحا قياسية في الربع الثالث من العام الحالي 2015، ووصلت الإيرادات إلى 4.3 مليار دولار90% منها عن طريق الإعلانات، بصافي أرباح 891 مليون دولار وتخطت القيمة السوقية للشركة 300 مليار دولار .


(3)

فيسبوك والمنافسة..

ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد تتطور بشكل متسارع، ويبدو أن فيسبوك تضع في اعتبارها هذا الأمر وتعمل ألف حساب للمنافسة.  ففي عام 2012  ظهر موقع أنستغرام وجذب جمهورا كبيرا، وأشارت التوقعات إلى أنه منافس مستقبلي لفيسبوك  في سوق الإعلان فكان تحرك إدارة الشركة لشراء الموقع الحديث آنذاك بمليار دولار.

وفي 2014 وفي صفقة تاريخية اشترى فيسبوك واتس أب بقيمة  19 مليار دولار . واتس أب  تأسست عام 2009 وبلغ عدد المستخدمين النشطين قبيل شرائها 450 مليون مستخدم ، فأيقنت فيسبوك أهمية الحصول على هذه القاعدة العريضة من البيانات لدى واتس أب لمزيد من التحليل التسويقي، ولجذب مزيد من المستخدمين .

ويتبنى فيسبوك – الذي من الواضح أنه يدرك مدى سرعة التطور التقني الذي سيشعل المنافسة بين شركات مواقع التواصل الاجتماعي التي هي في الأساس منصات إعلانية كبرى- يتبنى مشاريع مثل إيصال الإنترنت المجاني للمناطق الفقيرة في الهند والمناطق النائية في أفريقيا وذلك من أجل توسيع قاعدة المستخدمين؛ وبالتالي توسيع القاعدة التسويقية، ومن ثم  زيادة الإعلانات.

ويتمنى فيسبوك لو يصل الإنترنت مجانا لكل إنسان على الأرض ، فهو يرى الناس مستهلكين واستهدافهم بالإعلانات التسويقية يعني له زيادة في أرباحه.

(4)

فكيف تحقق فيسبوك هذه الارباح ؟

فيسبوك هو أكبر شركة إعلام في العالم؛ ولكنه لا تنتج أي محتوى، ويعمل على زيادة أعداد المستخدمين وتحفيزهم على نشر محتوى جاذب يحصد المشاهدات والتفاعل لتقوم الشركة بالإعلان استغلالا لهذا المحتوى الذي أنتجته أنت كمستخدم.

كما يقوم فيسبوك بدراسات وتحليلات على المستخدمين و"مزاجاتهم" و تفضيلاتهم من المنتجات وميولهم من خلال المحتوى الذي يقدمه كل مستخدم على حائطه الخاص، ومن خلال إعجابه وتفاعله مع محتوى الصفحات الأخرى.

بالتأكيد كل من يبيع سلعة أو يقدم خدمة، سواء كان شركة كبيرة أو مشروعا صغيرا، أو فردا يقدم خدمة معينة مثل تدريس اللغات، أو تعليم الموسيقى، أو تصميم الأزياء أو الديكورات، من المؤكد أنه يسعى للترويج لنفسه ليزداد عدد زبائنه. وحتى وقت قريب كان الشائع هو الإعلان في الصحف أو الإذاعة المسموعة أو المرئية بتكاليف العالية.

ولكن مع انتشار الإنترنت وظهور فيسبوك كأكبر موقع تواصل اجتماعي أصبحت الشهرة والدعاية هدفا ممكنا لأي شخص، إذ طور الموقع خططا تسويقية مبنية على تحليل بيانات المستخدمين تجعل المُعلِن يوجه إعلانه للفئة المستهدفة عمريا ومكانيا مقابل مبالغ قليلة.

فإذا كنت مصمما لأزياء محلية في المغرب مثلا، يُمكّنك فيسبوك من الوصول إلى المهتمين بالأزياء المغربية في الخليج، وفي ما هو أبعد من ذلك في أمريكا وأوربا مثلا ، ويمكنك بيع منتجاتك أونلاين لتزداد أرباحك. و قد كرم فيسبوك في 2015 ما يزيد عن مليوني مستخدم يروجون خدماتهم ومنتجاتهم  عبر فيسبوك في إطار دعم المشاريع الصغيرة عبر العالم.

ومن خلال المتابعة ، فإن العرب حتى الآن لم يفطنوا إلى كيفية الاستخدام الإيجابي لهذه السوق العالمية المفتوحة أمامهم، وهذا يعود لسببين في تقديري:

الأول هو الجهل بكثير من الحقائق حولنا، والاعتماد على معلومات مغلوطة أو انطباعات سلبية من الآخرين  في إصدار أحكامنا؛ خاصة مع استحواذ نظرية المؤامرة المعطلة للتفكير على مساحة كبيرة من عقولنا.  الثاني: أن العالم العربي لا يُنتج أصلا ، ولا يوجد دعم حقيقي للمشاريع الصغيرة.

ولكن بالتأكيد هناك من الشباب من فطن لأهمية الولوج إلى هذا العالم ويعمل على الاستفادة منه.

===

ولكن ماذا بشأن ما هو شائع عن زوكربرغ وموقعه

  (5)

مارك زوكربرغ

بالفعل زوكربرغ من عائلة يهودية؛ ولكن انتساب شخص لليهودية يعني أنه ولد لأم يهودية؛ ولكن لا يعني بالضرورة اعتناق الدين اليهودي, خاصة أن زوكربرغ أعلن أنه ملحد وفقا لموقع ويكيبيديا. أما عن انتمائه للماسونية العالمية، فربما يكون منتميا بالفعل لهذه الحركة السرية؛ ولكن الوقوف كثيرا أمام هذا الافتراض قد لا يفيد البحث في أي موضوع، خاصة أن الماسونية حركة سرية خفية الأهداف، وليس من اليسير سبر أغوار أعضائها. وقد يكون كثير من الشخصيات البارزة والقادة وربما أحزاب وكيانات وحركات حولنا ينتمون لها وتبقى أغلبها فرضيات بلا إثباتات موثقة. وعما يقال إن لون الموقع الأزرق هو تشبه بالعلم الإسرائيلي فقد كشفت  دراسة أجراها موقع (Color Lovers)، على  أشهر مئة موقع على الويب، أن اللون الأزرق أحتل المرتبة الأولى بين الألوان المستخدمة في المواقع؛ إلا أنه من المفارقات العجيبة عند سؤال مؤسس موقع فيسبوك (مارك زوكربيرغ ) عن سبب اختياره للون الأزرق في موقعه، ذكر أنه مصاب بعمى للألوان خاصة للونين الأحمر والأخضر، وأن اللون الأزرق هو اللون الوحيد الذي يستطيع تمييزه. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 في خضم عمليات الطعن الفلسطينية ضد الإسرائيليين في القدس هاجم متطرفون يهود مكتب فيسبوك في تل أبيب، واتهموا الموقع بمعاداة إسرائيل، وكتبوا شعارات ضد الموقع والفلسطينيين معا. ودائما ما تضغط  الحكومة الإسرائيلية علي فيسبوك وغيره من المواقع الكبيرة لإغلاق صفحات فلسطينية،  وأحيانا يذعن الموقع لهذه الطلبات كما يذعن لإغلاق صفحات من أي مكان في حال تلقت فيسبوك بلاغات بأن الصفحة خالفت قواعد النشر فيما يتعلق بالتمييز أو التحريض على العنف.
وقد أصدر زوكربرغ بيانا مؤخرا يتضامن فيه مع المسلمين رافضا ضمنيا تصريحات دونالد ترامب المثيرة ضد المسلمين فمارك يدرك أن خسارة المستخدمين العرب وخاصة المسلمين تعني خسارة أرباحه نحو 10 في المئة .

(6)

لماذا يدعم فيسبوك الثورات و يتبنى دعوات التظاهر و الجدالات السياسية في العالم العربي ؟

في الحقيقة ، يجب تأمل هذه المعلومة ونحن نتحدث عن نظرية المؤامرة، وهي أن العالم العربي لا يمثل أكثر من عشرة في المئة من مستخدمي فيسبوك، فماذا بشأن الـ90% الآخرين من أمريكا وأمريكا الجنوبية وأوربا وآسيا، لماذا يستهدفنا تحديدا ولا يستهدف هؤلاء؟

فيسبوك هو أكبر منصة إعلامية في العالم من دون أن ينتج أي محتوى، فهو يقدم خدمة النشر و لا أتصور أن فيسبوك يهتم بتحفيز الثورات أو دعمها بقدر اهتمامه بكل ما يجعل المحتوى جاذبا لمستخدمين جدد، وقادرا على  الاحتفاظ بالمستخدم أكبر قدر من الوقت على الموقع. ومن البديهي  أن  يهتم فيسبوك بحرية التعبير والمساواة وغيرها من قيم العولمة التي يعمل فيسبوك في إطارها ويستغلها في الوصول إلى كل مكان على هذا الكوكب وتحقيق أرباح طائلة. وأيضا من البديهي أن تزعج حرية الرأي و أنشطة المعارضة السلطات المستبدة والأنظمة القمعية ومؤيديها، ومنها إسرائيل مثلها مثل أي سلطة قمعية كما دللنا على ذلك سلفا.

(7)

حقيقة تبرع زوكربرغ ب 99% من نصيبه في فيسبوك للعمل الخيري

سواء كان هذا التبرع خالص النية للعمل الخيري أم أنه كان تهربا من الضرائب خاصة أنه تبرع بما يعادل 45 مليار دولار لمؤسسة تابعة له أي تبرع لنفسه. بغض النظر عن كل ذلك فيكفي أن نعلم أن الواحد في المئة المتبقي لمارك زوكربرغ وأسرته يقدر بما يزيد عن 450 مليون دولار. فكلما ارتفعت قيمة سهم فيسبوك كلما زادت قيمة الـ1% لمارك وأسرته.

(8)

خلاصة

العالم يتطور والتقنية الرقمية تتوغل أكثر وأكثر في حياتنا، وهذا واقع لن يفيد إنكاره. فحتى لو أن يهودا وصهاينة هم من يبتكرون هذه التقنيات ويطورون وسائل الإعلام الجديدة؛ فهذا لا يعني تحكمهم الكامل فيها، فالتليفزيون والستالايت ليسا اختراعا عربيا، أو إسلاميا؛ ولكنه أصبح أداة إعلامية وإعلانية للأفكار والمنتجات يستخدمها الجميع.

 من الضروري الوصول إلى فهم أكبر لفيسبوك وغيره من وسائل الإعلام الجديد، وتحقيق الاستفادة منها، إلى أن يأتي اليوم الذي ندخل فيه هذا العالم مبتكرين ومطورين، وليس فقط مستخدمين.

فالشائع حسب بعض العرب أن فيسبوك ليس إلا أداة صهيونية ماسونية ومؤامرة كونية من الجيل الرابع على الإسلام والبلاد العربية، وربما يكون ذلك جزءاً من الحقيقة لا أنفي او أؤكد.

ولكن الواقع أن فيسبوك يعبر عن تطور الإعلام واستخدام التقدم التكنولوجي في الإعلان لتحقيق الأرباح، وترويج المنتجات والسلع عبر الحدود وكذلك الأفكار والأفراد.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيك مهم فلا تبخل به